بغض النظر عن النشاط الإستخباري النشط في سوريا حاليا فهي من دون ذلك تقع
بجوار محطات المخابرات العالمية في كردستان وقبرص ولبنان
تاريخ المخابرات السورية دفع الثوار للحذر من الداخل إلا أن تشابك
المصالح بين أطراف الصراع الدولي جعل جزء من ذاك الحذر يتجه نحو الخارج
الغرب كان وما زال يحرص على تحقيق تواجد له في أي مسرح للأزمات الدولية
فمن غير ذلك التواجد الإستخباري لا يستطيع بناء رؤيته للأحداث
يعتمد الغرب على مخابرات الأنظمة الوظيفية للتعامل مع أي أزمة إقليمية
إلا أنه لا يراهن عليها كثيرا لضعف المنظومة المخابراتية في هذه الدول
هذا ما يدفع الغرب لبناء أفكاره بنفسه ولذا تعمد أمريكا لإنشاء محطة للسي
آي أيه بجوار أي مسرح للنزاعات كما فعلت قبل غزو أفغانستان والعراق
تدل وثائق حربي أفغانستان والعراق أن الجهد الإستخباري لأمريكا قطع نصف
الطريق لاحتلال البلدين بعد أن تمت عملية شراء الولاءات المحلية بنجاح
تشير بعض الدراسات إلى أن تكنلوجيا المخابرات كالأقمار الصناعية وأجهزة
الجس لا تغطي سوى نسبة بسيطة من العملية الإستخبارية أما الباقي فبالجهد
البشري
وهذا يربط التفوق المخابراتي بمدى الخبرات عند كل طرف ولذا ترصد السي آي
أيه ميزانيات ضخمة لتجنيد العملاء من كافة الطبقات الإجتماعية
الغرب يهتم بتجنيد موظفي المؤسسات الدولية كمراقبي الأمم المتحدة ومفتشي
وكالة الطاقة لتمكن هؤلاء من الدخول لأماكن الصراع وبشكل رسمي
أما التنظيمات التي يرغب الغرب في التعرف عليها فيتم ذلك عبر الصحفيين
غالبا لتمكنهم من التواجد ولحاجة تلك الجماعات ورغبتها بإيصال صوتها
للخارج
التقارير الأخيرة تشير إلى أن السي آي أيه تنشط حاليا داخل سوريا وليس
لمراقبة مواقع الكيماوي فهذه مهمة الأقمار الصناعية ولكن لأمر يتعلق
بالتدخل القادم
أمريكا تجهز ومنذ الآن للتعامل مع خطر الجهاديين على إسرائيل أو على أي
تسوية تقوم بين النظام والمعارضة على حساب الثورة
وبما أن عهد الزج بالجيوش الجرارة قد ولى مع الذكريات التعيسة في
أفغانستان والعراق فستلجأ أمريكا لاستراتيجيتها المرنة في حرب الجهاديين
الاستراتيجية الأمريكية المرنة تعتمد على ثنائي المخابرات والطائرات بدون
طيار فالأول يقتنص المعلومة والثاني يقتنص الهدف
السي آي أيه ستقوم بتأسيس قاعدة عمليات لتجنيد عملاء سوريين لإلقاء
الشرائح الألكترونية عند الأهداف المطلوبة كما في اليمن وباكستان
حرب الطائرات بدون طيار لا تهزم العدو عسكريا ولكن تشل حرية حركته وهذا
ما تحتاجه أمريكا ريثما يتم تشكيل قوة محلية تحل محل الكتائب الجهادية
أثناء سيطرة أنصار الشريعة على محافظة أبين باليمن كانت الطائرات بدون
طيار مصدر إزعاج ولم يتغير هذا الوضع حتى بدأت الحملات العسكرية بالتقدم
توجد عدة أساليب لمقاومة خطر الطائرات بدون طيار ولكني أعتقد بأن سلاح
الإعلام سيكون له الدور الأكبر في إجهاض ذلك
تدور في أمريكا الآن معارك حامية حول قانونية وأخلاقية استخدام الطائرات
بدون طيار وبدأ يتشكل رأي عام مناهض لهذه الحرب القذرة
نقطة ضعف أمريكا تتمثل بالرأي العام وأي توثيق إعلامي لحوادث الطائرات
بدون طيار في سوريا سيخلق حراك معارض كما حدث في ملف غوانتناموا
بقلم : عبدالله بن محمد ، باحث في الشؤون الاستراتيجية
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق