لم يعد يصدر النظام مؤخراً
نشرات بأعداد القتلى من عناصر الأمن، ولكن ما يتم تداوله في الساحل عن رقم
يتجاوز عشرة آلاف علوي إلى الآن، ما يعني أن العلويين الموالين يموتون
بنسبة أكبر من "السنة" تقول "الواشنطن بوست" بحسب ترجمة لـ"زمان الوصل".
ومع تدفق نعوش القتلى اليومية
إلى القرى العلوية الموالية التي تحوي جثامين رجال قاتلوا دفاعاً عن الأسد
من جيش النظام أو الشبيحة على أيدي الثوار، يزداد المشهد قتامة هناك مع
اللون الأسود الذي يكسي النساء والشوارع المليئة بصور الأسد.
ويتم تداول قصة من وحي ذلك
في الساحل عن امرأة فقدت ابنها الثالث في قتاله الثوار، وهي أمام جسد ابنها
سألت الضابط: "هل أنتم مصرون على قتل كل واحد هنا من أجل أن ينجو رجلٌ
واحد؟".
أغلب العلويين يشعرون بأن النظام خذلهم، كما أنه يريد جرهم لصراع طائفي لن يستطيعوا الفوز به مهما طال الزمن.
ويقول ناشطون إن انقساماً
سياسياً ظهر بين العشائر العلوية، كانت شرارته قتال "القرداحة"، وأن المدعو
صخر عثمان المقرب من عائلة الأسد كان في المقهى للقاء ممثلين عن عائلة
الخيِّر، للوصول إلى موقف متضامن مع المعارض المعتقل، وبحث طريقة لإخراجه،
غير أن "شيخ الجبل" اقتحم المقهى وحدث ما حدث.
" الأسد لا يمثل العلويين"
يقول الطبيب "هو يستغلهم، فإذا قلنا إن العلويين يستعدون للموت فليس حباً
له ولكن بدافع الخوف على أنفسهم".
ورغم كل ذلك يبدو أن مخاوف
العلويين لا تزال قائمة، فأغلبهم يرى أن القتال مع الأسد يضمن نجاتهم، وهذا
شيء مؤسف، فهو لم يترك لهم خياراً سوى البقاء معه، يقول أحد المحللين:
"الأسد نجح بربط مصير العلويين بمصير النظام" وهذا أمر بالغ الأسى.
استياء كبير تتعالى أصواته
داخل الطائفة العلوية الكريمة، سببه ازدياد قوة الثوار في سوريا، وعدم قدرة
بشار الأسد على احتواء الموقف تقول صحيفة "الواشنطن بوست"، ما يضع مسألة
ولاء الطائفة أو استمرارها موضع شك، كما يشكل تحدياً جديداً لرأس النظام،
الذي يقود حرباً تعم سوريا بأكملها.
واتكل الأسد على طائفته
المكونة من 2.5 مليون علوي كداعم رئيسي له منذ بداية الثورة العفوية، التي
قادها الثوار حالمين بالحرية والديمقراطية، متأثرين بالربيع العربي، فأخذ
يغذي الشعور الطائفي لديهم ضد الأغلبية السنية التي تقود الثورة.
بدورهم اصطف أغلب العلويين
خلف الأسد، متذرعين بخوفهم من مستقبل غامض لن يكون بقيادتهم، وقد يكون
الدور الرئيسي فيه للمسلمين السنة في حال انتصرت الثورة.
ولاء العشيرة
وكشفت أحداث القرداحة الأخيرة
من اقتتال بين أقرباء للأسد ورجال من كبرى عائلات المدينة إثر اعتقال
المعارض عبد العزيز الخير أن تحدياً كبيراً يواجه الأسد في معقله ومنبت
رأسه، المعقل الذي لم يتردد يوماً في تقديم كل شيء، ليطرح الأسد سؤالاً
صعباً على نفسه: إلى متى سأحظى بدعم وولاء عشيرتي قبل غيرهم؟
وبالرغم من عدم ضبابية الموقف
العلوي إذا كان سينضم إلى المعارضة السورية رغم ترحيبها بهم عقب أحداث
القرداحة، فإن مجمل العلويين يشعرون بالخوف على أنفسهم ويفضلون البقاء في
قارب الأسد إلى حين.
وتذكر "الواشنطن بوست" أن
أشخاصاً كانوا مع الثورة ومطالبها، ولكنهم شعروا بالخوف على أنفسهم من
أعمال انتقامية مع تصاعد أعمال القتل اليومية للنظام، والخوف من ردود أفعال
أو أعمال انتقامية من "الأغلبية السنية".
وتشير أحداث القرداحة إلى أن
علامات القلق بدأت بالظهور علانية، وضغط الأشهر التسعة عشر الأخيرة آخذ
بالنقر على تماسك الطائفة ووحدة موقفها.
وتقول الصحيفة الأميركية إن
العلويين يوقنون صعوبة نجاة الأسد دون دعمهم المطلق، فهم قلقون حول قدرته
على البقاء، لذا أصبح توترهم ظاهراً للعيان، فأغلب العلويين يشعرون بأن
النظام خذلهم، كما أنه يريد جرهم لصراع طائفي لن يستطيعوا الفوز به مهما
طال الزمن.
ولا يزال الغموض يعتري ما
جرى في القرداحة أواخر شهر أيلول الماضي، إن كان القتال بدوافع سياسية أو
شخصية أو ثأرية عندما سحب محمد الأسد -الملقب بشيخ الجبل- مسدسه بعد أن
أهانه أحد أقرباء الأسد أيضاً وهو صخر عثمان، حيث جرح الرجلان بالإضافة إلى
ستة آخرين. حسب الرواية المتداولة غير أن حقائق أخرى كشفت وتقول غير ذلك.
البروفيسور جوشوا لانديز
-صاحب موقع "سيريا كومنت" وأحد المتخصصين بالشأن السوري- يقول نقلاً عن
زوجته (العلوية) كيف أن الأسد تدخل بنفسه لحل الخلاف ولتهدئة الأجواء لعودة
الوضع كما كان.
وكما نفى أحد الناشطين في
اللاذقية أن القتال له خلفية سياسية، وأن الأمر لا يتعدى كونه صراعاً على
تجارة تهريب الدخان والسلاح المحتكرة على طول الساحل السوري من قبل أقرباء
الأسد.
ولكن الشكوك تتعدى المصالح
الشخصية أو تجارة التهريب، تقول الصحيفة، وتعكس اختلافاً سياسياً يزداد
عمقاً يوماً بعد يوم، لا سيما أن تبادل إطلاق النار جرى في مقهى تملكه
عائلة الخير إحدى العائلات اللدودة لعائلة الأسد في القرداحة، كما أن أحد
الجرحى كان من العائلة نفسها، والقتال أتى بعد أيام من اعتقال المعارض عبد
العزيز الخير على طريق مطار دمشق الدولي أثناء عودته مع معارضين آخرين من
الصين، الذي ينتمي إلى هيئة التنسيق المحلية التي يتعاطف معها النظام
لمواقفها القريبة منه حسب الصحيفة.
القصة أكبر من "رمّانة"
وجاء الاعتقال وسط تكهنات
كبيرة في العاصمة دمشق أن موسكو تحضّر "الخيِّر" لدور مستقبلي في الحكومة
المقبلة، وفقاً لمحلل سياسي مقيم في دمشق.
ويقول ناشطون إن انقساماً
سياسياً ظهر بين العشائر العلوية كانت شرارته قتال "القرداحة"، وإن المدعو
صخر عثمان المقرب من عائلة الأسد كان في المقهى للقاء ممثلين عن عائلة
الخيِّر للوصول إلى موقف متضامن مع المعارض المعتقل، وبحث طريقة لإخراجه،
غير أن "شيخ الجبل" اقتحم المقهى وحدث ما حدث.
وتقول الصحيفة إن شبح (صراع
علوي دموي) يبقى بعيداً، على الأقل للأسباب التي تم ذكرها من مخاوف
العلويين على حياتهم من أعمال انتقامية يسوق لها النظام، فضلاً عن أن أغلب
العلويين يتفهمون ضرورة وحدتهم وحشد طاقتهم، غير أن أي انقسام سيكون
"تحولاً جذرياً" أو نقلة نوعية في مسار الثورة السورية.
"لا أتوقع أن يحدث ذلك" يقول
الباحث الأميركي لانديز، ولكنه لا ينفي وجود حراك كبير وفعّال في القرداحة،
قد لا يكون في مجمله مع الأسد، ولكنه لا يخفي وجود توترات كبيرة.
الصراع القبلي واستغلال المخاوف
ولعل الافتراضات التي تحوم
حول ولاء العلويين للنظام تغطي مسألة أبعد من الواقع المعقّد للطائفة التي
تشهد صراعاً تقليدياً بين قبائلها، والتي تغرق أكثر فأكثر في الإحباط وخيبة
الأمل حول الطريقة التي يقود بها الأسد وسط تكهنات مخيفة عن مستقبل
الطائفة على امتداد الشريط الساحلي وبين الناشطين العلويين في المنفى.
ومع تدفق نعوش القتلى اليومية
إلى القرى العلوية الموالية التي تحوي جثامين رجال قاتلوا دفاعاً عن الأسد
مع جيش النظام أو الشبيحة، يزداد المشهد قتامةً هناك مع اللون الأسود الذي
ترتديه النساء وصور الأسد التي تملأ الشوارع.
وجراء ذلك لم يعد يصدر النظام
السوري مؤخراً نشرات بأعداد القتلى من عناصر الأمن، ولكن ما يتم تداوله في
الساحل عن رقم يتجاوز عشرة آلاف علوي إل الآن ما يعني أن العلويين
الموالين يموتون بنسبة أكبر من "السنة" بحسب "الواشنطن بوست".
ويتم تداول قصة من وحي ذلك
في الساحل عن امرأة فقدت ابنها الثالث في قتاله الثوار وهي أمام جسد ابنها
سألت الضابط: "هل أنتم مصرون على قتل كل واحد هنا من أجل أن ينجو رجلٌ
واحد؟".
الأسد لا يمثل العلويين
وتتصاعد مخاوف العلويين على
حياتهم وسط العدد المتعاظم للقتلى، هم يوقنون أنه يتم استغلال مخاوفهم من
قبل النظام لحماية الأسد وعائلته، كما يقول أحد الأطباء العلويين، الذي
غادر إلى بيروت خوفاً على نفسه من واقع متأزم في المدن الساحلية.
"الأسد لا يمثل العلويين" يقول الطبيب "هو يستغلهم، فإذا قلنا إن العلويين يستعدون للموت فليس حباً له ولكن بدافع الخوف على أنفسهم".
وما يثير حنق الكثيرين من
الطبقات العلوية الفقيرة أنهم لم يستفيدوا من صعود عائلة الأسد، وأن الكثير
منهم كانوا أصلاً من المعارضين له تاريخياً، كما يقول أحد الناشطين
العلويين في اللاذقية، الذي قضى عشر سنوات في سجون النظام. ولكنه الفقر من
دفع بالآلاف منهم للتطوع في الأفرع الأمنية، ليزج بهم الآن في الصفوف
الأولى للقتال فضلاً على ضعف الثقة بالعناصر من الطائفة السنية على ضوء
الانشقاقات الكبيرة والمتواصلة لعناصر الجيش من السنة. كما رافق ذلك اعتماد
النظام على "الشبيحة" بشكل كبير المكونة في أغلبها من أبناء الطائفة
العلوية، والتي حولها النظام إلى ميليشيات محلية.
وهذا لا ينكر أن النظام قام
بتجنيد قسم قليل من السنة كشبيحة، وجرى ذلك في حلب ودرعا ودير الزور، كي لا
يقال إن الصراع هو صراع طائفي كما يقول ناشطون من السنة والعلويين.
والجدير ذكره أن أكثر المجازر
وحشية وهمجية وقع اللوم فيها على الشبيحة، كمجازر القبير والحولة، التي
لاقت ستنكاراً عربياً ودولياً، لكن الأمر الملفت أن "السنة" لم يقوموا بأية
أعمال انتقامية أو مجازر بحق العلويين، تقول الصحيفة، وتستشهد بتقرير
مجموعة الأزمات الدولية الذي صدر مؤخراً، والذي يشدد بمخاطر القيام بأية
أعمال انتقامية أو طائفية واسعة النطاق، وهذا ما لم يقع به الثوار.
وبالرغم من هذا كله يبدو أن
مخاوف العلويين لا تزال قائمة، فأغلبهم يرى أن القتال مع الأسد يضمن
نجاتهم، وهذا شيء مؤسف فهو لم يترك لهم خياراً سوى البقاء، معه يقول أحد
المحللين: "الأسد نجح بربط مصير العلويين بمصير النظام"، وهذا أمر بالغ
الأسى.
المصدر || كلنا شركاء
زمان الوصل – خاص
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق